منتديات روافد الحريه***( ثوره على ضفاف النيل )
منتديات روافد الحريه***( ثوره على ضفاف النيل )
منتديات روافد الحريه***( ثوره على ضفاف النيل )
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات روافد الحريه***( ثوره على ضفاف النيل )

ثقافىاجتماعى
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
اهلا بكم فى منتديات روافد الحريه
وقوله تعالى { استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا } { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون }
يا غياث المستغيثين، يا حي يا قيوم ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا بديع السماوات و الأرض، يا عزيز ، يا من يجيب المضطر إذا دعاه ... والمريض يدعو الله بنحو : يا رحمن يا رحيم يا شافي يا عافي اللهم رب الناس أذهب الباس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما...
هُوَ اللهُ الذي لا إله إلا هُوَ عالمُ الغيب والشهادة هو الرحمان الرحيم. هُوَ اللهُ الذي لا إله إلا هُوَ المَلك القدوس السلام المُؤْمِنُ المُهَيمن العزيزُ الجبارُ المتكبرُ سُبْحَانَ الله عما يُشِركون. هُوَ الله الخالق البارئ المُصَور له الأسماء الحُسْنى يُسَبّحُ له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم(
قـُـِل اللهُمَّ مالكَ المُلكِ تؤتي المُلكَ مَنْ تشاءُ و تنزعُ المُلكَ مِمن تشاء و تُعِز مَن تشاءُ و تُذل من تشاء بيدك الخيرُ إنك على كل شيء قدير. تولجُ الليلَ في النهار وتولجُ النهارَ في الليل و تُخرج الحَيَّ مِنَ المَيّت وتُخرج المَيّتَ مِنَ الحَي وترزق مَنْ تَشاءُ
اللهم صَلِّ على محمد و أزواجه و ذريته كما صليت على آل إبراهيم و بارك على محمد وأزواجه و ذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد

 

 الأدلة على مشروعية السلام على النبي صلى الله عليه وسلم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
aamb_a2000




عدد المساهمات : 48
تاريخ التسجيل : 02/03/2011

الأدلة على مشروعية السلام على النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: الأدلة على مشروعية السلام على النبي صلى الله عليه وسلم   الأدلة على مشروعية السلام على النبي صلى الله عليه وسلم I_icon_minitimeالخميس مارس 03, 2011 5:59 pm

إن نصوص الكتاب والسنة متظاهرة بأن الله أمرنا أن نصلي على النبي ونسلم عليه صلى الله عليه وسلم.
أما في القرآن:
فقد أمر الله عباده المؤمنين أن يسلموا على نبيهم مع أمره لهم بالصلاة عليه فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.والشاهد من الآية معنا هو قوله عز وجل: {وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}
فهذا نص في مشروعية السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، وبيان لحق من حقوقه صلوات الله وسلامه عليه، وإظهار لشرفه ورفعة منزلته.
والآية في جملتها فيها من تشريف الله وتكريمه ما لا يوجد في غيرها من الآيات.
وأما في السنة:
فقد جاء تشريع السلام عليه صلى الله عليه وسلم مع تعليمهم التشهد الذي كان متقدما على تعليمهم الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم.
فتعليم الصلاة عليه إنما كان بعد نزول الآية فلهذا سأل الصحابة عن كيفية الصلاة ولم يسألوا عن كيفية السلام فقالوا: يارسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلى عليك فقولهم "قد علمنا كيف نسلم عليك" إشارة إلى السلام الذي في التشهد وهو قول "الكلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته".
قد بينت السنة المواطن التي يشرع فيها ال سلام على النبي صلى الله عليه وسلم.
فالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم مشروع في التشهد عند كل صلاة ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كنا إذا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا: السلام على الله من عباده السلام على فلان وفلان.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقولوا السلام على لله، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله الصلوات الطيبات، والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين- فإنكم إذا قلتم أصاب كل عبد في السماء أو بين السماء والأرض أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو".
وشرع السلام كذلك عند دخول المسجد والخروج منه.
فعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج قال: بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك".
وقد ورد كذلك في فضل السلام على النبي صلى الله عليه وسلم عدد من الأحاديث أورد بعضا منها هنا:
1- عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن لله في الأرض ملائكة سياحين يبلغوني من أمتي السلام".
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله عز وجل إلى روحي حتى أرد عليه السلام".
3- وقد تقدم حديث عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أتاني جبريل فقال: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه"
4- وكذلك حديث أبي طلحة وفيه "أما يرضيك ألا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا، ولا سلم عليك، إلا سلمت عليه عشرا".
وبما تقدم من نصوص يعلم أن السلام هو حق من الحقوق التي للنبي صلى الله عليه وسلم على أمته، والمسلم مأمور بالقيام بهذا الحق حيث كما إن إما مطلقا، وإما عند الأسباب المؤكدة لذلك كما في التشهد وعند الدخول إلى المسجد أو الخروج منه. وهذا السلام فيه من الخاصية للنبي صلى الله عليه وسلم والفضل على هذه الأمة ما فيه. أما الخاصية التي فيه للنبي صلى الله عليه وسلم.
فالأمر بالسلام عليه صلى الله عليه وسلم مع الغيبة من خصائصه التي خصه الله بها، فلم يرد في الشرع الأمر بالسلام على معين مع مغيبه إلا عليه صلى الله عليه وسلم وذلك كما في التشهد فليس فيه سلام على معين إلا عليه وكذلك عند دخول المسجد والخروج منه.
وأما الفضل الذي جعله الله لهذه الأمة بهذا السلام فهو جعله سبحانه وتعالى هذا السلام مطلقا لا يتكلف فيه المرء قطع المسافة ولا يشترط فيه اللقاء به في حياته أو المجيء إلى قبره بعد وفاته.
فالمسلم يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم في أي مكان في هذه الدنيا وفي أي وقت وزمان يشاء وهذا من الفضل والنعمة التي امتن الله بها علينا.
المطلب الثاني: السلام على النبي صلى الله عليه وسلم عند حجرته التي دفن فيها
وهذه المسألة أشكلت على كثير من الناس، ولكن الذي ينبغي على من أراد أن يعرف الحق ودين الإسلام، أن يتأمل في النصوص النبوية الواردة في جوانب هذه المسألة، وأن يعرف ما كان يفعله الصحابة والتابعون وما قاله أئمة المسلمين، ليعرف ما هو المشروع وما هو المبتدع وما هو مجمع عليه وما هو متنازع فيه.
وسيرا على هذا الأساس فسأعرض هذه المسألة بشيء من التوسع متناولا في ذلك عددا من الجوانب التي جاءت بها النصوص الشرعية بغرض إبراز أمور هامة قد تخفى على كثير من الناس ويغفلون عنها، وهي أمور على درجة كبيرة من الأهمية إذ على أساسها ينبني اللهم الصحيح الموافق لنصوص الشرع في هذه المسألة.
وقد قسمت هذا المطلب إلى نقاط ختمتها بذكر خلاصة لأقوال العلماء في عدد من المسائل الواردة في هذا الشأن.
النقطة الأولى: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم نص صحيح صريح يأمر فيه أمته بالسلام عليه عند قبره فالمتأمل للنصوص الواردة في شأن السلام عليه صلى الله عليه وسلم - والتي سبق إيرادها- لا يجد فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خص قبره بالسلام، كما قد ورد تخصيص التشهد بالسلام عليه وكذا الدخول إلى المسجد والخروج منه.
وهنا يحسن توضيح الأمور الهامة التالية:
1- أن عدم التخصيص للقبر بالسلام فيه إظهار لخاصية اختص بها النبي صلى الله عليه وسلم لا يماثله فيها أحد من الخلق.
فالمقصود عند قبر غيره من الدعاء له هو مأمور له في حق الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخمس وعند دخول المساجد والخروج منها. فالله عز وجل فضله بهذا الأمر على غيره، وأغناه بذلك عما يفعل عند قبور غيره.
2- أن الذي تدل عليه نصوص السلام عليه صلى الله عليه وسلم أن هذا السلام يستوى فيه القريب والبعيد، وهذا أمر اختص به النبي صلى الله عليه وسلم.
ولهذا قال الحسن بن الحسن بن على بن أبي طالب لذلك الرجل الذي رآه يختلف إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو عنده. فقال له: يا هذا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تتخذوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم حيثما كنتم تبلغني" فما أحط ورجل بالأندلس منه إلا سواء.
فالحسن بن الحسن- شيخ أهل بيته- وغيره لا يفرقون بين أهل المدينة والغرباء ولا بين المسافر وغيره ولا يرون في السلام عليه عند قبره مزية فالسلام يصل إليه من مشارق الأرض ومغاربها.
وهذا من فضل الله على هذه الأمة فالمسلم في أي بقعة من الأرض له أن يقوم بهذا الحق للنبي صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ثبت بالسنة واتفاق الأمة أن كل ما يفعل من الأعمال الصالحة في المسجد عند حجرته من صلاة عليه وسلام وثناء وإصام وذكر محاسن وفضائل، ممكن فعله في سائر الأماكن، ويكون لصاحبه من الأجر ما يستحقه، كما قال: "لا تتخذوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم". ولو كان للأعمال عند القبر فضيلة لفتح للمسلمين باب الحجرة، ولما منعوا من الوصول إلى القبر".
"فالله سبحانه خص رسوله صلى الله عليه وسلم بما خصه به تفضيلا له وتكريما لما يجب من حقه على كل مسلم في كل موضع، فإن الله أوجب الإيمان به ومحبته وموالاته ونصره وطاعته واتباعه على كل أحد في كل مكان، وأمر من الصلاة عليه والسلام عليه في كل مكان ومن سؤال الوسيلة له عند كل أذان ومن ذكر فضائله ومناقبه وما يعرف به قدر نعمة الله به على أهل الأرض، وأن الله لم ينعم على أهل الأرض نعمة أعظم من إرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليهم، وأنه هو أولى بالمؤمبن من أنفسهم، وأنه لا يؤمن العبد حتى يكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين، بل حتى يكون أحب إليه من نفسه إلى غير ذلك من حقوقه، وكل هذه مشروعة فى جميع البقاع ليس منها شىء يختص بالقبر ولا بما هو قريب من القبر. ولا شرع للناس أن يكون قيامهم بهذه الحقوق عند القبر أفضل من قيامهم بها في بلادهم. بل المشروع أن يقوموا بها في كل مكان. ومن قام بها عند القبر وفتر عن القيام بها في بلده كما يوجد في بعض الناس يوجد من محبته وتعظيمه وثنائه ودعائه للرسول عند قبره أعظم مما يوجد في بلده وطريقه، فهذه حالة منقوصة غير محمودة، وصاحبها منحوس الحظ ناقص النصيب وهو ناقص الدين والإيمان إما بترك واجب يأثم بتركه وإما بترك مستحب تنقص درجته بتركه بخلاف من من الله عليه فجعل محبته وثناءه وتعظيمه ودعاءه للرسول في بلده مثل ما إذا كان بالمدينة عند قبره أو أعظم. فهذه هي الحالة المحمودة المشروعة وهي حال الصحابة والتابعين لهم ياحسان إلى يوم القيامة، لا يعرف عن أحد منهم أنه كان يزيد حبه وتعظيمه ودعاؤه وثناؤه عند القبر، ولهذا لم يكونوا يأتونه لأن قيامهم بما يجب من حقوق الرسول في جميع الأمكنة سواء.
وقد نهى عن تخصيص القبر بذلك وأن يتخذوه عيدا ومسجدا لأنه مظنة أن يتخذ وثنا ويفضي إلى الشرك ومظة أن ينقص قيامهم بحقه في سائر البقاع إذا خصوا تلك البقعة بمزيد القيام، كما أن المشاعر لما خصت بالعبادات فالمؤمن تجد إيمانه فيها أعظم من إيمانه في غيرها، والرسول صلى الله عليه وسلم حقه في جميع البقاع سواء ولكن تتنوع حقوقه بحسب الأحوال، ولهذا إذا اعتبرت أحوال الناس كان من يعظم النبي صلى الله عليه وسلم كند قبره مقصرا في حقوقه التي أمر بها في سائر البقاع بحسب ما زاد عند القبر. وهذا أمر مطرد معروف من جميع أحوال الناس.
ولما كان السابقون الأولون أقوم بحقوقه في جميع المواضع كانوا أبعد الناس عن، تخصيص القبر بشيء، والخلفاء الراشدون ونحوهم لما كانوا أقوم بحقوقه من غيرهم لم يفعلم ما فعله ابن عمر ونحوه، فأبوه عمر كان أقوم بحقه صلى الله عليه وسلم منه وكان ينهي أن يقصد الصلاة في موضع صلي فيه النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ما فعله ابنه عبد الله مع فضله ودينه رضي الله عنهم أجمعين".
فمن يجد قلبه عند قبر الرسول أكثر محبة له وتعظيما، ولسانه أكثر صلاة عليه وتسليما مما لايجده في سائر المواضع، كان ذلك دليلا على أنه ناقص الحظ منحوس النصيب من كمال المحبة والتعظيم وكان فيه من نقص الإيمان وانخفاض الدرجة بحسب هذا التفاوت، بل المأمور به أن تكون محبته وتعظيمه وصلاته وتسليمه عند غير القبر أعظم فإن القبر قد حيل بين الناس وبينه.
فمن لم يجد إيمانه به ومحبته له وتعظيمه له وصلاته عليه وتسليمه عليه إذا كان في بلده أعظم مما يكون لو كان في نفس الحجرة من داخل، فهو ناقص الحظ من الدين وكمال الإيمان واليقين، فكيف إذا لم يكن من داخل بل من خارج؟ هذا والله أعلم.
3- أن عدم تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم للقبر بالسلام ولا بغيره من العبادات هو لما في ذلك من مظنة اتخاذه وثنا أو عيدا فيفضي ذلك إلى الشرك، والمعروف عنه صلى الله عليه وسلم أنه حريص على سد كل ذريعة قد توصل إلى الشرك.
وسيأتي توضيح هذه المسألة في النقطة الثالثة بإذن الله.
النقطة الثانية: الأحاديث الواردة في زيارة قبره كلها موضوعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد في زيارة قبر مخصوص، ولا روى أحد في ذلك شيئا، لا أهل الصحاح ولا السنن ولا الأئمة المصنفون في المسانيد كالإمام أحمد وغيره، وإنما روى هذه الأحاديث من جمع الموضوع وغيره".
وقال أيضا: "وأما قوله: "من زار قبري فقد وجبت له شفاعتي". وأمثال هذا الحديث مما روي في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم فليس منها شيء صحيح ولم يروها أحد من أهل الكتب المعتمدة لا أصحاب الصحيح كالبخاري ومسلم. ولا أصحاب السنن كأبي داود والنسائي ولا الأئمة من أهل المسانيد: كالإمام أحمد وأمثاله، ولا اعتمد على ذلك أحد من أئمة الفقه كمالك والشافعي وأحمد، وإسحاق بن راهويه، وأبي حنيفة، والثوري، والأوزاعي وأمثالهم.
بل عامة هذه الأحاديث مما يعلم أنها كذب موضوعة، كقوله "من زارني وزار أبي في عام واحد ضمنت له على الله الجنة" وقوله "من حج ولم يزرني فقد جفاني" فإن هذه الأحاديث ونحوها كذب.
وقال أيضا: وما ذكروه من الأحاديث في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فكلها ضعيفة باتفاق أهل العلم بالحديث، بل هي موضوعة لم يرو أحد من أهل السنن العتمدة شيئا منها ولم يحتج أحد من الأئمة بشيء منها، بل مالك- إمام أهل المدينة النبوية الذين هم أعلم الناس بحكم هذه المسألة- كره أن يقول الرجل زرت قبره صلى الله عليه وسلم ولو كان هذا اللفظ معروفا عندهم، أو مشروعا، أو مأثورا عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكرهه عالم المدينة.
ومما يوضح هذا أنه لم يعرف عن أحد من الصحابة أنه تكلم باسم زيارة قبره لا ترغيبا في ذلك ولا غير ترغيب، فعلم أن مسمى هذا الاسم لم يكن له حقيقة عندهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا أعرف عن أحد من الصحابة أنه تكلم بلفظ زيارة قبره ألبتة، فلم يكن هذا اللفظ معروفا عندهم.
ولهذا كره من كره من العلماء إطلاق هذا الاسم.
"والذين أطلقوا هذا الاسم من العلماء إنما أرادوا به إتيان مسجده والصلاة فيه والسلام عليه فيه إما قرنا من الحجرة وإما بعيدا عنها إما مستقبلا للقبلة وإما مستقبلا للحجرة.
وليطر في أئمة المسلمين لا الأربعة ولا غيرهم من احتج على ذلك بلفظ روى في زيارة قبره.
بل إنما يحتجون بفعل ابن عمر مثلا وهو أنه "كان يسلم" أو بما روي عنه من قوله صلى الله عليه وسلم "ما من رجل يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام" وذلك احتجاج بلفظ السلام لا بلفظ الزيارة.
وليس في شىء من مصنفات المسلمين التي يعتمدون عليها في الحديث والفقه أصل عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه في زيارة قبره.
أما أكثر مصنفات جمهور العلماء فليس فيها استحباب شيء من ذلك بل يذكرون المدينة وفضائلها وأنها حرم ويذكرون مسجده وفضله وفضل الصلاة فيه والسفر إليه وإلى المسجد الحرام ونذر ذلك ونحو ذلك من المسائل ولا يذكرون اسستحباب زيارة قبره لا بهذا اللفظ ولا بغيره فليس في الصحيحين وأمثالهما شيء من ذلك ولا في عامة السنن مثل النسائي والترمذي وغيرهما ولا في مسند الشافعي وأحمد وإسحاق ونحوهبم من الأئمة.
وطائفة أخرى ذكروا ما يتعلق بالقبر لكن بغير لفظ زيارة قبره، كما روى مالك في الموطأ عن ابن عمر أنه كان يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر وعمر كما قال أبو داود في سننه، "باب ما جاء في زيارة القبور" وذكرقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله على روحي حتى أرد عليه السلام".
ولهذا أكثر كتب الفقه المختصرة التي تحفظ ليس فيها استحباب زيارة قبره مع ما يذكرون من أحكام المدينة.
وإنما يذكر ذلك قليل منهم، والذين يذكرون ذلك يفسرونه باتيان المسجد كما تقدم.
ومعلوم أنه لو كان هذا من سنته المعروفة عند أمته المعمول بها من زمن الصحابة والتابعين لكان ذكر ذلك مشهورا عند علماء الإسلام في كل زمان كما اشتهر ذكر الصلاة عليه والسلام عليه، وكما اشتهر عندهم ذكر مسجده وفضل الصلاة فيه، فلا يكاد يعرف مصنف للمسلمين في الحديث والفقه إلا وفيه ذكر الصلاة والسلام عليه وذكر فضل مدينته والصلاة في مسجده. فالمعنى الذي أراده العلماء بقولهم "يستحب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم "أو قولهم يستحب السفر لزيارة قبره"- كما هو موجود في كلام كثير منهم عند ذكرهم للحج- هو السفر إلى مسجده إذ كان المصلون والزوار لا يصلون إلا إلى مسجده، ولا يصل أحد إلى قبره ولا يدخل أحد إلى حجرته.
ولكن قد يقال هذا في الحقيقة ليس زيارة لقبره؟ ولهذا كره من كره من العلماء أن يقال زرت قبره. ومنهم من لم يكره. والطائفتان متفقون على أنه لا يزار قبره كما تزار القبور بل إنما يدخل إلى مسجده.
وأيضا فالنية في السفر إلى مسجده وزيارة قبره مختلفة.
فمن قصد السفر إلى مسجده للصلاة فيه فهذا مشروع بالنص والإجماع. وإن كان لم يقصد إلا القبر ولم يقصد المسجد فمالك والأكثرون يحرمون هذا السفر وكثير من الذين يحرمونه لا يجوزون قصر الصلاة فيه.
وآخرون يجعلونه سفرا جائزا وإن كان غير مستحب ولا واجب بالنذر. وأما إن كان قصده السفر إلى مسجده وقبره معا فهذا قد قصد مستحبا مشروعا بالإجماع أي السفر إلى المسجد لا السفر إلى القبر.
النقطة الثالثة: استفاضت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم التي ينهي فيها عن الصلاة إلى القبور أو اتخاذها مساجد، ولعن من اتخذ تلك القبور من الأم السابقة مساجد. وقد جاء هذا التحذير منه حتى وهو في آخر أيام حياته كما جاءت بذلك بعض روايات تلك الأحاديث.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه "لعن الله إليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" قالت: فلولا ذاك أبرز قبره غير أنه خشى أن يتخذ مسجدا".
وعنها رضي الله عنها وعن ابن عباس رضي الله عنهما قالا: "لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر مثل ما صنعوا".
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "لما اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت بعض نسائه كنيسة رأينها بأرض الحبشة يقال لها مارية وكانت أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أتتا أرض الحبشة فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها.فرفع رأسه فقال: "أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا فيه تلك الصورة، أولئك شرار الخلق عند الله". قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومن حكمة الله أن عائشة أم المؤمنين صاحبة الحجرة التي دفن فيها صلى الله عليه وسلم تروي هذه الأحاديث وقد سمعتها منه، وإن كان غيرها من الصحابة أيضا يرويها كابن عباس، وأبي هريرة، وجندب بن عبد الله وابن مسعود رضي الله عنهم"، انتهي كلامه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله إليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".
وعنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قاتل الله إليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".
وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: "إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل فإن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك". وعن أبي مرثد الغنوي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تجلسوا إلى القبور ولا تصلوا إليها".
فهذه النصوص النبوية وردت لحماية جناب التوحيد، ولسد كل ذريعة إلى الشرك فقد لعن فيها من يتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد وجل هذه الأحاديث قالها النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته، نصيحة للأمة وحرصا منه على هداها.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم نهيه لهذه الأمة عن اتخاذ قبره عيدا أو وثنا وهذا أبلغ في بيان مراده في سد كل ذريعة إلى الشرك بالله.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لاتتخذوا قبري عيدا ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وحيثما كنتم فصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني".
وعن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".
قال أبو عمر بن عبد البر "الوثن: الصنم، وهو الصورة من ذهب كان أو من فضة أو غير ذلك من التمثال، وكل ما يعبد من دون الله فهو وثن صنما كان أو غير صنم، وكان العرب تصلي إلى الأصنام وتعبدها فخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته أن تصنع كما صنع بعض من مضى من الأمم، كان إذا مات نبي عكفوا حول قبره كما يصنع بالصنم، فقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا تجعل قبرى وثنا يصلى إليه ويسجد نحوه ويعبد، فقد اشتد غضب الله على من فعل ذلك"، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبله الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم واتخذوها قبلة ومسجدا كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها، وذلك الشرك الأكبر، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه، وأنه مما لا يرضاه خشية عليهم امتثال طرقهم، وكان صلى الله عليه وسلم يحب مخالفة أهل الكتاب وسائر الكفار، وكان يخاف على أمته أتباعهم". والعيد إذا جعل اسما للمكان: فهو المكان الذي يقصد للاجتماع فيه وإتيانه للعبادة عنده، أو لغير العبادة.
وقد استجاب الله دعوة نبيه صلى الله عليه وسلم فلم يتخذ قبره- ولله الحمد والمنة- عيدا ولا وثنا كما اتخذ قبر غيره بل ولا يتمكن أحد من الدخول إلى حجرته بعد أن بنيت الحجرة. وقبل ذلك ما كانوا يمكنون أحدا من أن يدخل إليه ليدعو عنده ولا يصلي عنده، ولا غير ذلك مما يفعل عند قبر غيره.
ولكن من الجهال من يصلي إلى حجرته، أو يرفع صوته أو يتكلم بكلام منهي عنه، وهذا إنما يفعل خارجا عن حجرته لا عند قبره.
وإلا فهو ولله الحمد استجاب الله دعوته فلم يمكن أحد قط- أن يدخل إلى قبره فيصلي عنده أو يدعو أو يشرك به كما فعل بغيره اتخذ قبره وثنا فإنه في حياة عائشة رضي الله عنها ما كان أحد يدخل إلا لأجلها، ولم تمكن أحدا أن يفعل عند قبره شيئا مما نهي عنه، وبعدها كانت مغلقة إلى أن أدخلت في المسجد فسد بابها وبني عليها حائط آخر.
كل ذلك صيانة له صلى الله عليه وسلم أن يتخذ بيته عيدا وقبره وثنا.
وإلا فمعلوم أن أهل المدينة كلهم مسلمون، ولا يأتي إلى هناك إلا مسلم، وكلهم معظمون للرسول صلى الله عليه وسلم، وقبور آحاد أمته في البلاد معظمة.
فما فعلوا ذلك ليستهان بالقبر المكرم، بل فعلوه لئلا يتخذ وثنا يعبد، ولا يتخذ بيته عيدا.
ولئلا يفعل به كما فعل أهل الكتاب بقبور أنبيائهم.
والقبر المكرم في الحجرة إنما عليه بطحاء- وهو الرمل الغليظ- ليس عليه حجارة ولا خشب، ولا هو مطين كما فعل بقبور غيره.
وهو صلى الله عليه وسلم إنه نهى عن ذلك سدا للذريعة، كما نهي عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها، لئلا يفضي ذلك إلى الشرك.
ودعا الله أن لا يتخذ قبره وثنا يعبد، فاستجاب الله دعاءه صلى الله عليه وسلم، فلم يكن مثل الذين اتخذت قبورهم مساجد فإن أحدا لا يدخل إلى قبره ألبتة، فإن من كان قبله من الأنبياء إذا ابتدع أممهم بدعة بعث الله نبيا ينهي عنها.
وهو صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء لا نبي بعده، فعصم الله أمته أن تجتمع على ضلالة، وعصم قبره المكرم أن يتخذ وثنا، فإن ذلك والعياذ بالله لو فعل لم يكن بعده نبي ينهى عن ذلك، وكان الذين يفعلون ذلك قد غلبوا الأمة، وهو صلى الله عليه وسلم قد أخبر أنه لا تزال طائفة من أمته ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم إلى يوم القيامة، فلم يكن لأهل البدع سبيل أن يفعلوا بقبره المكرم كما فعل بقبورغيره صلى الله عليه وسلم.
فالدخول عند قبره للصلاة والسلام عليه هناك، أو الصلاة والدعاء مما لم يشرعه لهم، بل نهاهم فقال: "لا تتخذوا قبري عيدا وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني" فبين أن الصلاة تصل إليه من البعيد، وكذلك السلام، ومن صلى عليه مرة صلى الله عليه بها عشرا ومن سلم عليه مرة سلم
الله عليه عشرا، كما قد جاء في بعض الأحاديث.
وتخصيص الحجرة بالصلاة والسلام جعل لها عيدا، وهو قد نهاهم عن ذلك، ونهاهم أن يتخذوا قبره أو قبر غيره مسجدا، ولعن من فعل ذلك ليحذروا أن يصيبهم مثل ما أصاب غيرهم من اللعنة.
وكان أصحابه خير القرون، وهم أعلم بسنته، وأطوع الأمة لأمره، وكانوا إذا دخلوا إلى مسجده لا يذهب أحد منهم إلى قبره صلى الله عليه وسلم من داخل الحجرة ولا من خارجها.
وكانت الحجرة في زمانهم يدخل إليها من الباب إذ كانت عائشة رضي الله عنها فيها، وبعد ذلك إلى أن بني الحائط الآخر.
وهم مع ذلك التمكن من الوصول إلى قبره لا يدخلون إليه: لا لسلام ولا لصلاة عليه، ولا لدعاء لأنفسهم، ولا لسؤال عن حديث أو علم، ولا كان الشيطان يطمع فيهم حتى يسمعهم كلاما أو سلاما فيظنون أنه هو كلمهم وأفتاهم وبين لهم الأحاديث، أو أنه قد رد عليهم السلام بصوت يسمع من خارج، كما طمع الشيطان مع غيرهم، فأضلهم عند قبره، وقبر غيره حتى ظنوا أن صاحب القبر ويحدثهم ويفتيهم ويأمرهم وينهاهم في الظاهر، وأنه يخرج من القبر ويرونه خارجا من القبر، ويظنون أن نفس أبدان الموتى خرجت من القبر تكلمهم، وأن روح الميت تجسدت لهم فرأوها كما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج يقظة لا مناما.
فإن الصحابة رضوان الله عليهم خير قرون هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس.
وهم تلقوا الدين عن النبي، صلى الله عليه وسلم بلا واسطة، ففهموا من مقاصده صلى الله عليه وسلم
وعاينوا من أفعاله وسمعوا منه شفاها ما لم يحصل لمن بعدهم...
ولهذا لم يطمع الشيطان أن ينال منهم من الإضلال والإغواء ما ناله ممن بعدهم من أهل البدع. فلم يكن أحد من الصحابة رضوان الله عليهم يأتيه فيسأله عند القبر عن بعض ما تنازعوا فيه وأشكل عليهم من العلم، لا خلفاؤه الأربعة ولا غيرهم، مع أنهم أخص الناس به صلى الله عليه وسلم.
والمقصود هنا أن الصحابة رضوان الله عليهم تركوا البدع المتعلقة بالقبور كقبره المكرم وقبر غيره، لنهيه صلى الله عليه وسلم لهم عن ذلك، ولئلا يتشبهوا بأهل الكتاب الذين اتخذوا قبور أنبيائهم أوثانا.
والصحابة رضوان الله عليهم خير القرون وأفضل الخلق بعد الأنبياء بل إن خير الناس بعدهم أتبعهم لهم.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم فإنهم كانوا علي الهدي المستقيم".
"ثم إن أفضل التابعين من أهل بيته على بن الحسين رضى الله عنه نهي ذلك الرجل أن يتحرى الدعاء عند قبره صلى الله عليه وسلم".
فقد روى إسماعيل بن إسحاق بسنده عن علي بن الحسين بن علي أن رجلا كان يأتي كل غداة فيزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي عليه ويصنع من ذلك ما اشتهره عليه علي بن الحسين، فقال له علي بن الحسين ما يحملك على هذا؟ قال: أحب التسليم على النبي صلى الله عليه وسلم.
قال له علي بن الحسين: هل لك أن أحدثك حديثا عن أبي؟
قال: نعم، فقال له علي بن الحسين أخبرني أبي عن جدي أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحعلوا قبري عيدا، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وصلوا علي وسلموا حيثما كنتم، فسيبلغني سلامكم وصلاتكم".
فاستدل رضي الله عنه بالحديث، وهو راوي الحديث الذي سمعه من أبيه الحسين عن جده علي وهو أعلم بمعناه من غيره.
وهذا يقتضي أنه لا مزية للسلام عليه عند قبره كما لا مزية للصلاة عليه عند قبره بل قد نهي عن تخصيص القبر بهذا.
فتبين أن قصد قبره للدعاء ونحوه: اتخاذ له عيدا.
وكذلك ابن عمه حسن بن حسن شيخ أهل بيته: كره أن يقصد القبر للسلام ونحوه غير دخول المسجد، ورأى أن ذلك من اتخاذه عيدا.
فعن سهيل بن أبي سهيل عن الحسن بن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تتخذوا قبري عيدا ولابيوتكم قبورا وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني".
وفي رواية عند إسماعيل بن إسحاق القاضي عن سهيل قال: جئت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وحسن بن حسن يتعشى في بيت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فدعاني فجئته فقال: أدن فتعش، قال: قلت: لا أريده.
قال: مالي رأيتك وقفت؟ قال: وقفت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم
قال: إذا دخلت المسجد فسلم عليه، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا في ييوتكم ولا تجعلوا بيوتكم مقابر، لعن الله إليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم".
فهذا فيه أنه أمره أن يسلم عند دخول المسجد وهو السلام المشروع الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فانظر هذه السنة كيف مخرجها من أهل المدينة، وأهل البيت الذين لهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم النسب، وقرب الدار؟ لأنهم إلى ذلك أحوج من غيرهم فكانوا لها أضبط.
النقطة الرابعة: نظرا لتعلق المسألة بزيارة القبور فيحسن إعطاء نبذة موجزة عن أقوال العلماء في مسألة زيارة القبور:
اتفق العلماء على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد نهي عن زيارة القبور.
ثم اختلفوا هل نسخ ذلك؟
فقالت طائفة: لم ينسخ ذلك.
وقد ذهب إلى ذلك طائفة من السلف فقد نقل ذلك عن إبراهيم النخعي والشعبي ومحمد بن سيرين وهؤلاء من أجل علماء المسلمين في زمن التابعين باتفاق المسلمين ويحكى قولا في مذهب مالك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وتنازع المسلمون في زيارة القبور، فقال طائفة من السلف إن ذلك كله منهي عنه لم ينسخ، فإن أحاديث النسخ لم يروها البخاري، ولم تشتهر، ولما ذكر البخاري زيارة القبور احتج بحديث المرأة التي بكت عند القبر".
وروي عن الشعبي أنه قال: "لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور لزرت قبر ابنتي".
وقال النخعي: "كانوا يكرهون زيارة القبور" وعن ابن سيرين مثله قال ابن بطال: وقد سئل مالك عن زيارة القبور؟
فقال: "قد كان نهي عنها عليه السلام ثم أذن فيها، فلو فعل ذلك إنسان ولم يقل إلا خيرا لم أر بذلك بأسا، وليس من عمل الناس".
وروي عنه أنه كان يضعف زيارتها".
فهذا قول طائفة من السلف، ومالك في القول الذي رخص فية يقول:
"ليس من عمل الناس" وفي الآخر ضعفها، فلم يستحبها لا في هذا ولا في هذا.
وقالت طائفة: بل نسخ ذلك وهم على قسمين:
القسم الأول: قالوا إنما نسخ إلى الإباحة، فزيارة القبور مباحة لا مستحبة وهذا قول في مذهب مالك وأحمد.
قالوا: لأن صيغة أفعل بعد الحظر إنما تفيد الإباحة كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، وكنت نهيتكم عن الانتباذ في الأوعية فانتبذوا ولا تشربوا مسكرا".
وروي "فزوروها ولا تقولوا هجرا" وهذا يدل على أن النهي كان لما كان يقال عندها من الأقوال المنكرة سدا للذريعة، كالنهي عن الإنتباذ في الأوعية أولا لأن الشدة المطربة تدب فيها ولا يدري بذلك فيضرب الشارب الخمر وهو لا يدري.
القسم الثاني: قال الأكثرون زيارة قبور المؤمنين مستحبة للدعاء للموتى مع السلام عليهم، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج إلى البقيع فيدعو لهم وكما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين "أنه خرج إلى شهداء أحد فصلى عليهم صلاته على الموتى كالمودع للأحياء والأموات".
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية". وهذا في زيارة قبور المؤمنين.
وأما زيارة قبر الكافر فرخص فيها لأجل تذكار الآخرة، ولا يجوز الإستغفار لهم، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، وقال: "استأذت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والعلماء المتنازعون كل منهم يحتج بدليل شرعي ويكون عند بعضهم من العلم ما ليس عند الآخر- فإن العلماء ورثة الأنبياء- وقال تعالى: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً}.
والأقوال الثلاثة صحيحة باعتبار: فهناك زيارة محرمة، وزيارة مباحة وزيارة مستحبة، فالذي تدل عليه الأدلة الشرعية أن نحمل المطلق من كلام العلماء على المقيد، ونفصل الزيارة إلى ثلاثة أنواع: منهي عنه، ومباح، ومستحب، وهو الصواب:
وأما النوع الأول: فإن الزيارة إذا تضمنت أمرا محرما من شرك، أو كذب أو ندب أو نياحة أو قول هجر: فهي محرمة بالإجماع،. كزيارة المشركين والساخطين لحكم الله، فإن هؤلاء زيارتهم محرمة، فإنه لا يقبل دين إلا دين الإسلام: وهو الاستسلام لخلقه وأمره. فيسلم لما قدره وقضاه.
ويسلم لما يأمر به ويحبه، وهذا نفعله وندعو إليه، وذاك نسلمه ونتوكل فيه عليه، فنرضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ونقول في صلاتنا: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} مثل قوله تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ}.
والنوع الثاني: زيارة القبور لمجرد الحزن على الميت، لقرابته أو صداقته فهذه مباحة كما يباح البكاء على الميت بلا ندب ولا نياحة.
كما زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، وقال: "زوروا القبور فإنها تذكر الموت" فهذه الزيارة كان نهي عنها لما كانوا يفعلون من المنكر، فلما عرفوا الإسلام أذن فيها لأن فيها مصلحة، وهو تذكر الموت فكثير من الناس إذا رأى قريبه وهو مقبور، ذكر الموت، واستعد للآخرة، وقد يحصل منه جزع، فيتعارض الأمران، ونفس الحزن مباح، وإن قصد به طاعة كان طاعة وإن عمل معصية كان معصية.
وأما النوع الثالث: فهو زيارتها للدعاء لها كالصلاة على الجنازة فهذا هو المستحب الذي دلت السنة على استحبابه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، وكان يعلم أصحابه ما يقولون إذا زاروا القبور.
فيستحب عند الجمهور لمن أتى المدينة أن يأتي البقيع وشهداء أحد كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل.
فزيارة القبور للدعاء للميت من جنس الصلاة على الجنائز يقصد فيها الدعاء لهم، لا يقصد فيها أن يدعو مخلوقا من دون الله، ولا يجوز أن تتخذ مساجد، ولا تقصد لكون الدعاء عندها أو بها أفضل من الدعاء في المساجد والبيوت، والصلاة على الجنائز أفضل باتفاق المسلمين من الدعاء للموتى عند قبورهم، وهذا مشروع بل فرض كفاية متواتر متفق عليه بين المسلمين.
والذي يجب معرفته هنا أن زيارة القبور على وجهين:
زيارة بدعية، وزيارة شرعية.
فالزيارة البدعية: هي التي نهي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم واتفق العلماء على أنها غير مشروعة وهي مثل اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، والصلاة إلى القبر، واتخاذه وثنا أو عيدا فلا يجوز أن تقصد القبور للصلاة الشرعية، ولا أن تعبد كما تعبد الأوثان ولا أن تتخذ عيدا يجتمع إليها في وقت معين كما يجتمع المسلمون في عرفة ومنى.
فكل زيارة تتضمن فعل ما نهي عنه وترك ما أمر به- كالتي تتضمن الجزع وقول الهجر وترك الصبر، أو تتضمن الشرك ودعاء غير الله وترك إخلاص الدين لله فهي منهي عنها.
وأما الزيارة الشرعية: فهي السلام على الميت والدعاء له وهي مستحبة عند الأكثرين. وقيل: مباحة. وقيل: كلها منهي عنها كما تقدم.
والقول الراجح الذي تدل عليه الأدلة الشرعية أن نحمل المطق من كلام العلماء على المقيد ونفصل الزيارة إلى ثلاثة أنواع:
1- منهي عنه.
2- مباح.
3- مستحب.
وهو الصواب، كما تقدم.
قال مالك وغيره: "لا نأتي إلا هذه الآثار: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ومسجد قباء وأهل البقيع، وأحد.فإن النبى صلى الله عليه وسلم لم يكن يقصد إلا هذين المسجدين وهاتين المقبرتين ". ولكن بعد هذا التوضيح هل يصح أن يقاس قبر النبي صلى الله عليه وسلم على قبور سائر المسلمين فيقال إذا كانت زيارة قبور المؤمنين مشروعة فزيارة قبره من باب أولى؟ هذا ما سيأتي تفصيله في النقطة التالية:
النقطة الخامسة: أقوال العلماء في مسألة السلام على النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره.
سبق وأن وضحت في النقطة الثانية من هذا المطلب أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نص ثابت صحيح في هذه المسألة، يأمر فيه الأمة بالإتيان إلى قبره للسلام عليه، كما ورد ذلك في شأن السلام عليه في التشهد وعند دخول المساجد والخروج منها، وكذلك فإن الذي كان عليه فعل جمهور الصحابة من بعده صلى الله عليه وسلم هو عدم الإتيان للقبر للسلام، ولا تخصيصه بأي عمل من الأعمال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وجمهور الصحابة كانوا يدخلون المسجد ويصلون فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يسلمون عليه عند الخروج من المدينة وعند القدوم من السفر، بل يدخلون المسجد فيصلون فيه ويسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يأتون القبر، ومقصود بعضهم التحية"
وعلى هذا سار كثير من السلف من بعدهم. روى ابن أبي شيبة في المصنف عن خالد بن الحارث قال سئل هشام أكان عروة يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه؟ قال: لا.
وعن نوح بن يزيد قال: أخبرنا أبو إسحاق يعني إبراهيم بن سعد قال: ما رأيت أبي قط يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يكره إتيانه".
ولكن ابن عمر كان يأتيه فيسلم عليه وعلى صاحبيه عند قدومه من السفر وقد يكون فعله غير ابن عمر أيضا
فلهذا رأى من رأى من العلماء هذا جائزا اقتداء بمن فعل ذلك من الصحابة رضوان الله عليهم وابن عمر كان يسلم ثم ينصرف، ولا يقف، يقول: السلام عليك يارسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت ثم ينصرف. وكان يفعل ذلك إذا قدم من سفر أو أراده.
فعن عبد الله بن دينار قال رأوا ابن عمر إذا قدم من سفر دخل المسجد فقال: السلام عليك يارسول الله، السلام على أبي بكر، السلام على أبي، ويصلى ركعتين. وفي رواية عنه أنه قال: "رأيت عبد الله بن عمر يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما". وفي المصنف لابن أبي شيبة بسنده عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا أراد أن يخرج دخل المسجد فصلى ثم أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يارسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه ثم يأخذ وجهه، وكان إذا قدم من سفر يفعل ذلك قبل أن يدخل منزله.
وفي المصنف لعبد الرزاق عن معمرعن أيوب عن نافع قال: كان ابن عمر إذا قدم من سفر أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليك يارسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه.
قال معمر: فذكرت ذلك لعبيد الله بن عمر فقال: "لا نعلم أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك.
واستنادا لفعل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أجاز الإمام مالك وأحمد وغيرهما من الأئمة السلام على النبي صلى الله عليه وسلم عند القبر على الحال التي كان يفعلها ابن عمر رضي الله عنهما وهي حال القدوم من السفر أو إرادته، واقتصروا في مشروعية السلام على النبي صلى الله عليه وسلم عند القبر على هذه الحال ولم يفتوا في غيرها.
وهم وإن استحب بعضهم وأجاز بعضهم السلام على النبي عند القبر للقادم
إلا أنهم لم يقولوا بوجوبه وتعيينه فالذي نقل عن الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة من قول في هذه المسألة يدل على أنه استدل بفعل ابن عمر رضي الله عنهما، وأن فتواه لم تتجاوز ما فعله رضي الله عنه وهذا من دقة فقه الإمام مالك، ويتضح لك هذا من عبارته ففي الشفا للقاضي عياض: وقال ممالك في "المبسوط" وليس يلزم من دخل المسجد وخرج منه من أهل المدينة الوقوف بالقبر، وانما ذلك للغرباء.
وفال فيه أيضا: لا بأس لمن قدم من سفر أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر.
فقيل له: فإن ناسا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر، وربما وقفوا في الجمعة أو في الأيام المرة والمران أو أكثر عند القبر فيسلمون ويدعون ساعة؟
فقال: لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا وتركه واسع ولا يصلح آخر هذه الأمة الا ما أصلح أولها، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك، ويكره الا لمن جاء من سفر أو أراده".
وقد ذكر الإمام مالك في موطئه فعل عبد الله بن عمر وأنه كان يأتي فيقول: "السلام عليك يارسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت"، ثم ينصرف.
وفي رواية: كان إذا قدم من سفر. رواه معمر عن نافع عنه.
وعلى هذا اعتمد مالك رحمه الله فيما يفعل عند الحجرة إذ لم يكن عنده إلا أثر ابن عمر رضي الله عنهما.
وأما ما زاد على ذلك مثل الوقوف للدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم وكثرة التردد على القبر للصلاة والسلام عليه فقد كرهه مالك، وقال هو بدعة لم يفعلها السلف ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها.
وقد تقدم ذكر نص كلامه وإذا كان مالك رحمه الله يكره أن يطل الرجل الوقوف عنده صلى الله عليه وسلم للدعاء فكيف بمن لا يقصد لا السلام ولا الدعاء له، وإنما يقصد دعاءه وطلب حوائجه منه، ويرفع صوته عنده فيؤذي الرسول، ويشرك بالله ويظلم نفسه؟
وقد كره الإمام مالك رحمه الله أن يقول القائل: زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم. كره هذا اللفظ لأن السنة لم تأت به في قبره.
وقد ذكروا في تعليل ذلك وجوها، ورخص غيره في هذا اللفظ للأحاديث العامة في زيارة القبور.
ومالك يستحب ما يستحبه سائر العلماء من السفر إلى المدينة والصلاة في مسجده. وكذلك السلام عليه وعلى صاحبيه عند قبورهم اتباعا لابن عمر.
ومالك من أعلم الناس بهذا لأنه قد رأى التابعين الذين رأوا الصحابة بالمدينة ولهذا كان يستحب اتباع السلف في ذلك، ويكره أن يبتدع أحد هناك بدعة.
فكره أن يطل الرجل القيام والدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم ما كانوا يفعلون ذلك.
وكره الإمام مالك لأهل المدينة كلما دخل انسان المسجد أن يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم لأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك.
وقال رحمة الله عليه: ولن يصلح آخر هذه الأمة الا ما أصلح أولها". وقد صرح مالك وغيره: بأن من نذر السفر إلى المدينة النبوية إن كان مقصوده الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى بنذره وإن كان مقصوده مجرد زيارة القبرى من غير صلاة في المسجد لم يف بنذره، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد" والمسألة ذكرها القاضي إسماعيل بن إسحاق في المبسوط".
وما أفتى به الإمام مالك من جواز السلام على النبي صلى الله عليه وسلم عند حجرته التي دفن فيها وذلك لمن قدم من سفر هو ما أفتي به باقي الأئمة الأربعة.
وقد احتجوا بفعل ابن عمر كما احتج به مالك.
ومنهم من احتج بحديث "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام".
فقد اعتمد الإمام أحمد في زيارة قبره المكرم على هذا الحديث. وعن أحمد أخذ ذلك أبو داود فلم يذكر في زيادة قبره المكرم غير هذا الحديث وترجم عليه: "باب زيارة القبر".
فهذا الحديث هو عمدة الإمام أحمد وأبي داود وأمثالهم وهو غاية ما عندهم في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن دلالة الحديث على المقصود فيها نزاع وتفصيل.فليس في لفظ الحديث المعروف في السنن والمسند (عند قبري) مع أن الذين احتجوا بهذا الديث قالوا إن هذا هو المراد، ولم يرد على كل مسلم عليه في شرق الأرض وغربها مع أن المعنى أي أنه يرد على كل مسلم في شرق الأرض وغربها إن كان هو المراد بطل الاستدلال بالحديث من كل وجه على اختصاص تلك البقعة بالسلام.
وإن كان المراد بالسلام في الديث هو السلام عليه عند قبره كما فهمه عامة العلماء، فهل يدخل فيه من سلم من خارج الحجرة؟
فهذا مما تنازع فيه الناس، وقد توزعوا في دلالته.
فمن الناس من يقول هذا إنما يتناول من سلم عليه عند قبره كما كانوا يدخلون الحجرة في زمن عائشة رضي الله عنها فيسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم فكان يرد عليهم فأولئك سلموا عليه عند قبره وكان يرد عليهم.
وهذا السلام عليه عند قبره كان مشروعا لما كان ممكنا بدخول من يدخل على عائشة رضي الله عنها.
وقالوا: فأما من كان في المسجد فهؤلاء لم يسلموا عليه عند قبره بل سلامهم عليه كالسلام عليه إذا دخل المسلم المسجد وخرج منه.
والذين استدلوا بهذا الحديث على اختصاص تلك البقعة بالسلام جعلوه متناولا لمن سلم عليه من داخل الحجرة أو من خارجها.
وقد اعترض على من احتج بهذا الحديث "ما من أحد يسلم علي الا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام" على استحباب السلام للقادم عند الحجرة. فقيل: إن هذا الحديث لو دل على استحباب السلام عليه من المسجد لما اتفق الصحابة على ترك ذلك، ولم يفرق في ذلك بين القادم من السفر وغيره؟
فقد اتفق الصحابة ابن عمر وغيره على أنه لا يستحب لأهل المدينة الوقوف عند القبر للسلام إذا دخلوا وخرجوا بل يكره ذلك، فلما اتفقوا على ترك ذلك مع تيسره علم أنه غير مستحب بل لو كان جائزا لفعله بعضهم وبهذا يتبين ضعف حجة م
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأدلة على مشروعية السلام على النبي صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الأدلة على وجوب محبته صلى الله عليه وسلم.
» الأدلة من السنة على وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم.
» الأدلة على وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم من القران الكريم
» الأدلة من السنة على التحذير من معصية الرسول صلى الله عليه وسلم
» حق النبي صلى الله عليه وسلم الحب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات روافد الحريه***( ثوره على ضفاف النيل ) :: اعرف نبيك-
انتقل الى: