**عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من لم يسأل الله يغضب عليه .
**وحديث نزول الرب إلى السماء الدنيا وفيه) أن الرب -سبحانه وتعالى- يقول هل من داع فأستجيب له هل من سائل فأعطيه سؤله .(
**وحديث) الدعاء هو العبادة) .
**وحديث) لا يرد القضاء إلا الدعاء ( .
- وكل هذه الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تحث على دعاء الله تعالى لتعظيمه وإجلاله و لكشف الضر أو لطلب الخير.
-قال ابن عقيل -رحمه الله-: قد ندب الله إلى الدعاء , لأن هذا الدعاء به معاني توضح وتبين صفات الله عز وجل , وهذه المعاني هي :
الوجود : فإن من ليس بموجود لا يُدْعَى.
الغنى : فإن الفقير لا يدعى.
السمع : فإن الأصم لا يدعى.
الكرم : فإن البخيل لا يدعى.
الرحمة : فإن القاسي لا يدعى.
القدرة : فإن العاجز لا يدعى.
الحياة : فإن الميت لا يطلب.
العلم: فإن الجاهل لا يُسئَل.
-والدعاء فيه فوائد عظيمة من جلب المنافع ودفع المضار مما يعجل للعبد في الدنيا من معرفته بربه وإقراره به، وبأنه سميع قريب عليم رحيم، وإقراره بفقره إليه واضطراره إليه، وما يتبع من العلوم العلية والأحوال الذكية التي هي أعظم المطالب كما نبه عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
-فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث :
1-إما أن يعجل له دعوته .
2-وإما أن يدخرها له في الآخرة .
3-وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها .
قالوا إذاً نكثر قال الله أكثر (رواه أحمد والبزار وأبو يعلى بأسانيد جيدة والحاكم وقال الألباني صحيح الإسناد ).
**يقول تعالى في محكم التنزيل يخاطب حبيبه محمداً صلى الله عليه وسلم:
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)البقرة: 186
وهذا يدل على أن الله قريب منا يسمع دعاءنا ويستجيب لنا.
ولكن ما هي الأشياء التي يجب أن نعملها حتى يُستجاب دعاؤنا؟
لو تأملنا دعاء الأنبياء والصالحين في القرآن نلاحظ أن الله قد استجاب دعائهم ولم يخذل أحداً من عباده، فما هو السبب لاستجابة دعاؤهم عليهم الصلاة والسلام؟
**فهذا هو سيدنا نوح عليه السلام يدعو ربه أن ينجيه من ظلم قومه، يقول تعالى:
)وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ(
الأنبياء: 76
-وهنا الاستجابة تأتي مباشرة بعد الدعاء.
**وهذا نبي الله أيوب عليه السلام يدعو ربه بعد أن أعياه المرض .
يقول تعالى:
)وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ(
الأنبياء: 83-84
-وهنا الاستجابة تأتي على الفور فيكشف الله المرض عن أيوب عليه السلام.
**وهذا نبي الله تعالى يونس بن متى عليه السلام عندما كان في بطن الحوت.
يقول تعالى:
(وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) الأنبياء
-إذن جاءت الاستجابة لتنقذ يونس عليه السلام من هذا الموقف الصعب وهو في ظلمات متعددة, ظلام أعماق البحر وظلام بطن الحوت وظلام الليل.
**أما زكريا عليه السلام فقد كان دعاؤه مختلفاً، فقد كان يريد ولداً تقر به عينه فدعا الله تعالى :
(وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ(90) الأنبياء
-وقد استجاب الله دعاءه مع العلم أنه كان كبير السنّ ولا ينجب الأطفال، وكانت زوجته أيضاً كبيرة السن. ولكن الله قادر على كل شيء.
**فما هو سرّ هذه الاستجابة السريعة لأنبياء الله تعالى ، ونحن ندعو الله ليل نهار في كثير من الأشياء فلا يُستجاب لنا؟
والإجابة في هذه الآية الكريمة , قال الله تعالى عن أنبياؤه :
(إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَاخَاشِعِينَ)الأنبياء90